الإرهاب والإرهابيون
في
رؤية الشيخ سفر الحوالي الجديدة
قراءة عرض ومناقشة في كتابه المتميز “المسلمون والحضارة الغربية“
الحلقة الثالثة
-
القاعدة تستحق التكريم بخلاف داعش.
اعتاد الجمهور العربي على سماع ذم القاعدة ورميها بأبشع التهم والأوصاف من خلال ما تبثه وسائل الإعلام المماليك للعم سام، وما تصدره دول الإماء وشيوخها من بيانات وتنديدات سأمت الشعوب الإسلامية والعالمية من كلاسيكيتها التقليدية، بينما خرج الدكتور سفر في رؤيته الجديدة بعد طول بحثه وتأمله إلى أن: (أبطال “تورابورا” من حقهم التكريم لا السجن، لا سيما وأنهم لم يذهبوا إلى هناك إلا بناء على فتوى العلماء أن الذهاب فرض عين، أما تنظيم الدولة الإسلامية فالأمر فيه مختلف، إذ لم أقابل منه أحدا قط، ولم أقرأ لهم كتابا). ا.ه
وهذا التصريح الأخير لأبي عبد الرحمن الحوالي يعتبر صدمة كبيرة جدا لمشايخ النظام الظلاميين في المملكة العربية السعودية، وللقطاعات الصحفية العلمانية، والقطعان الليبرالية الأجيرة التي نفشت نفسها بين غَنَمِ القوم، ويأتي إبداء هذا الرأي الشجاع ليبين خطأ السلوك السعودي وطفوليته في تعامله مع ملف الإرهاب الذي هو أكبر قضايا العصر الحاضر، والذي عجزت دول الغرب جميعها بما فيها أمريكا وبريطانيا في علاج وهزيمة الإرهاب، ولهذ يقول الدكتور الحوالي بعد ذلك: (وقد سبق أن حذرنا الحكومات والشعوب من سلوك المسلك الخطأ في التعامل مع تنظيم القاعدة، وذلك في الرسالة التي جعلنا عنوانها “الموقف الشرعي من أحداث ١١ سبتمبر”، ولكن الخطأ تكرر، ونشأ تنظيم الدولة الذي أصبح تنظيم القاعدة إلى جانبه حمامة سلام، وإذا استمر الحال على هذه الوتيرة فربما ينشأ تنظيم يرى المراقبون والمحللون أنه أخطر).
والذي يراه معظم المحللون والمراقبون بل يكاد يكون إجماعا بينهم أن نظام آل سعود وأشباهه لن يستفيدوا من نصائح ووصايا الدكتور سفر في معالجة ملف الإرهاب الذي أقض مضاجع العالم بأسره، لضعف قواهم العقلية وقدراتهم الإدراكية في فهم عمق كلام الدكتور من جهة، ولكونهم يتصفون بالعناد والتكبر والتبعية للدول الغربية التي لا تفتأ من تجربة المجرب، وقد كان هذا حاضرا في رؤية الدكتور سفر فلهذا انتقل في كلامه ليوجهه في شكل نصيحة ورجاء لأكبر تنظيم إرهابي منسوب للإسلام وهو تنظيم داعش، عسى وعلَّ أن يجد عقولا واعية وأفهاما سليمة يقظة، وهو ما قد يتوفر في العقلية القاعدية الحالية، ويستبعد وجوده اليوم في العقلية الداعشية، وهذا يدركه كل متابع وراصد لهذه الجماعات التي يسمونها بالإرهابية، فلنقرأ إذاً ما قاله الحوالي لداعش ناصحا وراجيا.
-
نصيحة ورجاء لداعش.
يقول الشيخ سفر الحوالي: (وكل ما أستطيع قوله الآن – وهو حق في نظري واجتهادي -: إن إعلان الخلافة من الاستعجال الذي نهينا عنه، وإن كل مسلم معصوم الدم، وإن تحرير المحافظات المحررة في بلاد الشام باطل، وأن الدعوة قبل القتال خطأ، وأن هذا التنظيم ليس شيئاً واحداً بل هو أقسام مختلفة، ولا أنصح أي شاب أن يذهب إلى هناك. وأرجو من هذا التنظيم -إن كان فيه من يستجيب للرجاء- أن يقاتل اليهود ليجد المسلمين كلهم معه بإذن الله، فاليهود هم أشد الناس عداوة للذين آمنوا بنص كتاب الله، وأن يحيدوا من الغرب ما استطاع ولا يستعديه، بل يدعوه ويصبر على الأذى في سبيل ذلك مهما كان، فتلك هي سنة الله وهي منهج الأنبياء الكرام جميعا …الخ).
وختم الدكتور كلامه لمتابعيه بقوله: (مهما اختلفنا مع من يسمون الإرهابيين يقتضي العدل الذي أمرنا الله به أن نقول إنه يندفع بهم شر عظيم عن بلاد الحرمين، فالخوف يدفع الأمريكان لتأخير مشروعهم الرامي لتقسيم السعودية، وهو أيضا يدفع اليهود لعدم فتح سفارة لهم في الرياض، وهم السبب لنقل الأمريكان قاعدتهم العسكرية من الخرج إلى العديد في قطر، وهم كذلك أكبر رادع لأن يبني الرافضة مقامات وعتبات لهم في البقيع والمعلاة … وهم كذلك يمنعون الغرب من الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم وإلا كان مصيره كمصير المخرج الهولندي الذي قتلوه، ومهما كان انحرافهم لا يستطيع المرجئة إخراجهم من الدين، فهم كما قال ابن تيمية في الجزء الخامس والثلاثين من مجموع الفتاوى (ص ٢٠٠): (كل من كان مؤمنا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو خير من كل من كفر به، ولو كان في المؤمن بذلك نوع من البدعة سواء كانت بدعة الخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية أو غيرهم، فإن اليهود والنصارى كفار كفرا معلوما بالاضطرار من دين الإسلام) ا.ه.
-
هل نحن إرهابيون حقا.
وختم الدكتور كلامه عن مشكلة ما يسمى بالإرهاب الإسلامي بذكر أنواع الأفعال الإرهابية لغير المسلمين والتي يمكن وصفها تبعا لتصنيف القوم بأنها إرهابية ولكن الإعلام العربي العميل يسكت عنها ولا يذيع أخبارها في إعلامه الأجير:-
قال الدكتور سفر الحوالي: (ونذكرها إجمالا دون تفصيل:
١- الإرهاب الهندوسي: ومن الأمثلة عليه منظمة (اس.آر.آر) مع أن كل الأحزاب الهندوسية في الحقيقة تقتل المسلمين أينما وجدتهم، وأكبر حزب في العالم بهارتا جانتا يهدف لتحويل الهند كلها إلى دولة هندوسية بحتة.
٢- الإرهاب البوذي: ومنه منظمة (أوم شنريكو) التي وضعت غاز السارين في أنفاق طوكيو.
٣- الإرهاب النصراني: وهو منظمات تفوق الحصر منها منظمة (جيش الرب) ومنظمة (الصليبيون الجدد) ومنظمة (أنتي بلاكا) ومنظمة (كوكس كلان) وأكبر الإرهابيين هو المنظمات الأصولية التي يؤيدها دونالد ترامب وإدارته.
٤- الإرهاب القبطي: وقد ذكر الاستاذ أبو إسلام أحمد عبدالله، أن شنودة إنما ترشح بمعونة بضعة عشر تنظيماً إرهابياً، فكم هي اليوم؟
ومع ذلك فالإرهابي عند السيسي من يتبع جماعة كذا الإسلامية فقط، وكل حادث في مصر يقول إنه إرهابي حتى ولو كان قبلياً بحتاً.
٥- الإرهاب النازي: ومن منظماته المشهورة في أمريكا وأوروبا النازيون الجدد.
٦- الإرهاب السيخي: ومن منظماته منظمة (بابار فالسا).
٧- الإرهاب اليهودي: وله منظمات كثيرة قديما وحديثا منها منظمة (كاخ ) التي أسسها (مائير كاهانا تحت اسم كاهانا حي) وهي تؤيد إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل وتعتمد على فتوى الحاخامات باستحلال دم كل فلسطيني بل كل عربي وكل مسلم.
٨- الإرهاب الأوروبي: وهو ما يعلمه كل أحد حتى في الدول التي تظهر بمظهر الحياد وتتمسح بالإنسانية، كالسويد فقد صرح عضو أحد أحزابها بأن المسلمين ليسوا بشرا ومنه (الجيش الجمهوري الإيرلندي).
والإرهاب في أوروبا ليس مجرد تنظيمات، بل هو أحزاب سياسية تسعى للوصول للحكم كما في فرنسا وهولندا والنمسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، وله أيضا منظمات كثيرة مشهورة كمنظمة (إيتا) و(الألوية الحمراء) و(الباسك) و(القمصان السود) و(يامن هوف) و(كهنة فينيس).
٩- الإرهاب الأمريكي الأبيض الذي يستهدف المسلمين والسود واللاتينيين وله منظمات كثيرة يدعمها كلها (دونالد ترامب)، ومن أعماله المشهورة إطلاق النار في أوكلاهوما حيث قتل ١٦٠ أمريكيا، وكذا إطلاقها في لاس فيجاس حيث قتل حوالي ٦٠ أمريكيا، وفي داخل الكنائس حيث مات ٢٦ شخصا في حادث واحد داخل كنيسة معمدانية، وكذا إطلاق النار في الجامعات والقطارات والمدارس في شيكاغو وفلوريدا وفيرجينيا وكارولينا وتكساس.
ومن العجيب أن المباحث الأمريكية (اف.بي.آي) إنما تضع أفعال بعض المسلمين في ذيل القائمة، بينما يأتي في رأسها هؤلاء.
قال الدكتور: (هذه نماذج حية تثبت أن ما يسمى إرهاباً في الحقيقة ليس له دين، وأن إتهام الإسلام وحده به تحامل ومخالفة للحقيقة، مع أننا هنا اقتصرنا على بعض التنظيمات دون بعض، ولم نذكر إرهاب الدول). ا.ه
وبهذا الفصل الأخير نكون قد أتينا على ختام جولتنا الفكرية الرؤيوية مع المفكر العربي الكبير الدكتور سفر الحوالي فك الله أسره، ليتبين للقارئ الحر والمفكر المستقل أن زمان تقييد العقول والأفكار قد انتهى، وأن العالم العربي يعيش اليوم مرحلة إنتقالية هائلة نحو الحرية والسلام والوئام، وخروجا وانعتاقا من الهيمنة المفروضة منذ أمد على الحريات الفكرية والثقافية في العالم بأسره.
وفي الختام نسأل الله الكريم أن يفرج عن الدكتور أبي عبد الرحمن الحوالي من سجون الطغيان السعودي، وأن ينزل عليه وعلى أهله تمام الصبر والسلوان أضعاف أضعاف ما نزل بهم من الكرب والابتلاء، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.